عدت منهكاً من شدة التعب و دخلت غرفتي المظلمة ، تقاعست حتى أن أخلع ملابسي و ارتميت على الفراش .
و إذ بي ألمحه يطل علي من نافذة الغرفة ، لست أدري لماذا شعرت بالخوف و القلق ، طار النوم من عيني ، تقلبت يميناً و يساراً ، كان يظهر حيناً و يختفي حيناً آخر .
نهضت من السرير و انطلقت مسرعاً نحو الباب ، خرجت غاضباً و كلي رغبة أن أمسك هذا الذي حرمني من النوم .
أسرعت نحوه ، تسبقني إليه نبضات قلبي متلهفاً أن أدركه قبل أن يسعفه الهرب .
كان بطيء الخطى و كأنه ينتظر وصولي ، يا لجرأته !.. أقلق منامي و لا يخشى انتقامي ...
و أخيراً التقينا و يا له من لقاء .
نظر إلي بنظرة لؤلؤية الألوان ، أحسست فيها بعداً خامساً ، شعرت بالخوف الشديد ، تلكأت بالكلام ، ترددت في إلقاء السلام .
فسبقني قائلاً : مساؤك سكر و شذى ريحان و عنبر .
فتلاشى عني الغضب و انتابني هدوءٌ حذِر .
من أنت أيها الغريب ؟
قال : بل إني قريب .
فقلت : ما الخبر ؟
قال : جئتك من بعيد ، من هناك حيث أشجار البرتقال ، كانت معي و كم قضينا معاً ليالٍ كالأساطير ، كانت كالأعاصير ، لقد ضممتها إلى صدري آلاف المرات ، جرّدتها من صمتها فكانت تسمعني آلاف الآهات ، تركتها دمعة سالت على كتفي و جئتك أحمل منها الحب و السلام .
فقلت و نار الغيرة تقتلني و تمزق قلبي : عد إليها فأنا هنا وحدي غريب و دع صراخي يهز جدران صمتي الرهيب ، إليك عني فنأيها صار جرحاً ، وداعاً أيها القلب الحزين ، وداعاً أيها الحب السجين ، أنا الغريب مزقتني كتب التاريخ ، أنا الغريب أنا جرح الزمان ، عد إليها فأنت لا تحتاج جواز السفر ، و كن وعداً لها بقدوم السَحَر .
فرحل عني ساحباً ذيول الخيبة و الضجر ، تاركاً ظلاً عجيباً يهمس في أذني : و من الشوق رسول إليك ينادي أيها الغريب ، أنت البعيد القريب ، لقد حملتني إليك سلامها فلا زلت أنت الحبيب .
ناديته قبل أن يغيب : لماذا الرحيل ؟ لا زال في قلبي إليها حنين ، بالله أخبرها حين تلقاها أني على العهد باقٍ و أني أحبها ولا بد يوماً أن أعود ، فهي لي قدر ...
أغداً ألقاك أيها القمر ؟؟؟
*************************************
بقلم : حسام الزينو السلوم
..... ( أسرار البحار )