هجران - ياريت تسمعوا أغنية محمد منير " باندهك "

خرج من بيته مسرعاً بعدما قبل زوجته كعادته كل يوم مع الأمنيات والدعوات الصباحية المعتادة .. هبط الدرج ومنه إلى طريقه اليومي المعتاد ذهاباً وإياباً إلى عمله .. زحام في الطرقات .. في الحافلات .. في كل شئ .. غلاء الأسعار الأخير جعل الطرقات تزداد زحاماً بالسائرين .. بعضهم يحمل أكياس في يده قد تظنها بعض المأكولات .. ما هي إلا أحذيتهم .. يجوبون الطرقات بأخفاف منزلية وما أن يصلوا إلى أعمالهم حتى يقومون بتبديلها بالأحذية حتى لا تبلى .. طقس خريفي مع نسائم من هواء مشبع بالأتربة والدخان .. يجلس على كرسيه خلف مكتب عمله بعدما ألقى على من ألقى بتحية الصباح المعتادة .. يبدأ يوم عمله بروتينه اليومي كما إعتاد كل يوم إلى أن تفتح الأبواب ويبدأ التعامل مع طلبات الناس .. تفتح الأبواب .. يتدفق البشر إلى نوافذ تلقي الطلبات .. طوابير وصفوف طويلة في لحظات .. لا يحاول حتى النظر إلى وجوه أصحابها .. كلمات قليلة مقتضبة تساعد في إنهاء المعاملة .. يأتي دور أحدهم .. ينتظر منه تمرير أوراقه .. ينظر إليه في زهق ثم في وجوم .. يطيل النظر .. يقوم من على كرسيه وهو لا يزال مثبتاً نظره على هذا الرجل .. يخرج إليه ويقف أمامه دون أن يتحدث إليه فهو لم يعد يراه هو .. يرى أصالة بلاده .. خضار أراضيها .. يسمع صوت طيورها مزقزقة في الحقول .. المراعي الجميلة .. يسمع خرير مياه جداولها .. همّة فلاحيها .. المصانع والعمال .. رحلة الشروق والغروب للغيطان مع الأبقار وشتى البهائم .. مداعبة نسائم الهواء النقي لأغصان وأوراق الأشجار الحانية على ضفاف الجداول .. ألحان طيبة السواقي تتمايل معها الأغصان طرباً ...... يسمع صوت الرجل وكأنه بداخله يقول له " ماذا تنتظر ؟ .. إذهب .. خذ القرار ولا تتوقف " ينظر إليه .. يرتد إلى مكتبه جالساً متجهماً .. يمسك بسماعة الهاتف محدثاً زوجته بألا تنتظره اليوم وبلا سبب .. ينظر لزملائه مودعاً ويذهب دونما إلتفاتة للخلف .. يمشي قليلاً ثم يستقل حافلة .. يهبط ويستقل أخرى .. مرات ومرات .. ساعات .. حتى يصل إلى غايته .. يهبط من آخر حافلة .. يمشي ويمشي .. ساعة .. وأخيراً يصل إليها .. إلى ما تاقت نفسه منذ زمن بعيد .. ينظر إلى الأرض الممتدة أمامه .. جدباء قاحلة .. لا يوجد بها أحد .. مياه الجدول شحت من قلة إستعمالها .. صمت مطبق بلا زقزقات ولا هديل .. ولا حتى نعيق .. يمشي قليلاً داخلها .. هياكل مبان المصانع لا زالت قائمة .. يقف داخل الأرض وهو ينظر بحسرة .. يرى رجلا آتياً في إتجاهه من بعيد .. متمهلاً في خطواته .. وئيدة .. تبدو سنونه بعيدة .. يسير وهو ينظر تحت أقدامه .. لا يكاد يراه .. يقترب .. يقترب .. فجأة يرفع رأسه قليلاً .. في مهل سنينه .. ينظر إليه محيياً في صمت وحسرة في العين .. يمد يده في الهواء وهو ينظر للأراضي والمباني وكأنه يقول له أترى .. إلى أين .. بحسرة في العين .. يرتد الرأس الشاخص إلى موضع القدمين .. تلاحق مهل السنين .. يذهب ويبتعد .. مع شمس الغروب .. ما زال يلاحقه بالنظر .. ولكن إلى أين .. يلتفت ثانية للأجواء .. يأتيه من بعيد صوت عواء .. يكاد الغروب يضمحل .. إلى ظلام .. دائماً الظلام .. إلى أين .. نسائم الهواء الليلية تصفر حزينة .. لا تجد ما تداعبها من أغصان وأوراق .. أشجار كالجيفة الجافة .. ذهبت روح الأرض .. إلى أين .. ذهبت طيورها .. هجرت أعشاشها وأوكارها .. صوت عواء .. سكن الهواء .. ضاقت الصدور .. دخان في كل مكان .. يطبق على الأنفاس .. إلى أين .. يمشي متمهلاً حزيناً .. يبدأ رحلة العودة مستقلاً الحافلات .. مترجلاً في الطرقات .. يصل إلى منزله .. يستقبله إخوته وزوجته بلهفة .. ينظرون إليه متسائلين .. أين كنت .. أين ذهبت .. ينظر إليهم من بين دمعات الأسى .. قائلاً .. " هاجرت الطيور " .. ينظر أكبرهم إليه .. يضع يده على كتفه وهو يقول .. " نعم .. نعم ولكن ...... إلى أين ....." .............

مشكوووووووور ليك يااا جاااااااااااامد

سلمتـ الاياديـ يالـ غ ـلآ
شكرآا جزيـلا
موضوع رآاقي
تحياتيـ