لماذا لم تنجح المظاهرات في السعودية ؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
حُدد
يوم الجمعة الماضية يوماً للتظاهر في أماكن معينة في أنحاء هذه البلاد
ولكن لم يحدث شيء يذكر !! مع قوة الحملة الإعلامية المعادية لتأجيج الناس
على المظاهرات ولا تزال الحملة مستمرة حتى اليوم ..وقد كنت أقول لإخواني
لن يحدث شيء من هذه المظاهرات ـ عند أهل السنة والجماعة ـ وهذا عندي كان
يقينا لا ارتياب فيه وسبب ذلك :
أولاً : أن هذا راجع إلى طبيعة
الشعب وأن الغالب منه شعب محافظ على شعائر الإسلام ..ويدركون تماماً قول
الله تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى
اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ
أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً
مُّبِيناً }الأحزاب36 فالذي يدفعهم إلى الإقدام هو الدين ..والذي يحجمهم عن
الإقدام هو الدين ..فهم يسيرون مع الدين أينما سارت ركائبه .. ويستقلون
معه حيث استقلت مضاربه، فقد أسلموا له الانقياد ، وساروا معه بلا شك ولا
ارتياب ..استجابة لأمر الله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ
ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً )) [ البقرة : 208]
الدين هو الذي
قلب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ..فماذا كانوا قبل الإسلام ..وماذا
كانوا بعده ..فمن الذي غيرهم ..من الذي ألف بينهم ؟!! من الذي جمع كلمتهم
؟!! من الذي وحد صفهم ؟!! من الذي أعزهم ورفع شأنهم ؟!! من الذي جعل الفرد
منهم حينما يخطأ يأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يا رسول
الله إني زنيت فطهرني !! إنه الإيمان حينما خالطت بشاشته القلوب ..الإيمان
الذي لا يحتاج بعده إلى أجهزة أمنية لأن الإنسان يراقب ربه ..ويخاف من ربه
أكثر من خوفه من البشر .
ثانياً : احترام الشعب للعلماء الصادقين
وتقديرهم والصدور عن رأيهم والالتزام بأمرهم ؛ لأنهم مصابيح الدجى ، فلما
صدرت الفتاوى وتتابعت الكتابات في بيان حكم المظاهرات.. قال الناس سمعاً
وطاعة لأنهم يقرؤون قول الله تعالى : (( وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ
الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ
وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ
مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ
الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً ))[النساء83 ].
وهنا يستوجب على العلماء
أن يتقوا الله في قول الحق والصدع به والنصح لكل مسلم حاكما أو محكوما
..وعليهم أن يصونوا العلم الذي وهبهم الله تعالى إياه أن يدنس بالأطماع
الفانية والتطلع إلى المناصب الزائلة ..يقول القاضي علي بن عبد العزيز
الجرجاني:
ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي ... لأخدم من لاقيت لكن لأخدما
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم ... ولو عظموه في النفوس لعظما
ولكن أهانوه فهانوا، ودنسوا ... محياه بالأطماع حتى تجهما
ثالثاً
: أن دستور البلاد ينص على تحكيم الشريعة الإسلامية..وهذا يقطع الطريق على
مثيري الفتنة ،و يدفع الناس إلى السمع والطاعة في المنشط والمكره وفي
اليسر والعسر ..وعدم منازعة الأمر أهله . عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ
قَالَ : بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ وَأَنْ لَا
نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ وَأَنْ نَقُومَ أَوْ نَقُولَ بِالْحَقِّ
حَيْثُمَا كُنَّا لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ ) رواه البخاري
رابعاً
: عدم تأثر الشعب بسهام دعاة التغريب..بحمد لله تعالى ..على شدة الهجمة
الشرسة منهم ووصولهم إلى أماكن حساسة وبيدهم آلة الإعلام إلا أن تأثيرهم لا
يساوي حجم الإنفاق والجهد الذي بذلوه في إفساد هذا المجتمع المبارك الذي
رضي بالله ربا ، وبمحمد نبيا ، وبالإسلام دينا ..ودليل ذلك هذه الإحداث
التي تكشف وتوضح معادن الشعوب ومدى ارتباطها بدينها ، ومن هو الذي يحركها
هل هم العلماء أم هم العملاء !!
إن إدراك هذه الأسباب ومعرفتها
..يدفع أهل الحل والعقد في هذه البلاد للمحافظة عليها والقضاء على كل سبب
يمكن أن يضعفها أو يذيبها من قلوب الناس..وأعظم ما يؤثر على هذه الأسباب
صنفان :
الصنف الأول عملاء أمريكا ..الذين يعملون سرا وجهراً لتغير
المجتمع ..وفرض التغريب بكل صوره وأشكاله ، وإفساد المجتمع ..من خلال
الإعلام ..والتعليم ..والصحة ..والسياحة ..والابتعاث للخارج على
مصراعيه..وغيرها من الوسائل الخطيرة التي يجب أن يتنبه لها قبل فوات الآوان
.
والصنف الثاني : عملاء إيران ..والذين يسعون ليلا ونهارا لإثارة
الفتن ..وهؤلاء مدعومون بالقوة المالية والقوة السياسية من إيران ..وقد
رأينا ما فعلوه في دولة البحرين من القتل والإفساد في الأرض وإثارة الرعب
والخوف في قلوب الصغار والنساء .وعطلوا المصالح ..وخربوا الممتلكات مما
يستوجب الحزم معهم بقوة الشرع الذي أمر بالقضاء على المفسدين وتطبيق حكم
الله تعالى فيهم وهو حد الحرابة يقول الله تعالى : {إِنَّمَا جَزَاء
الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ
فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ
وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ
خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }المائدة33
وأخيرا ..إنها دعوة لأهل الحل والعقد أن يدركوا أن المجتمع الذي
منعه من التظاهر اليوم لن يمنعه منه غداً إذا غيبت معالم الشريعة وتلاشت
من الناس أخلاق الإسلام
آلا إنها دعوة لأن يدرك المسئولون أن المجتمع
الذي امتنع من التظاهر اليوم لن يمنعه غدا إذا غُيب العلماء أو حرموا من
الكلمة الصادقة أو سيسوا أو تلاشت مكانتهم !!
آلا إنها دعوة لأن يدرك
أصحاب الرأي والحكمة ..أن المجتمع الذي امتنع اليوم من التظاهر إذا تمكن
عملاء أمريكا وعملاء إيران من البلد وأفسدوا فيه فلن يمتنع غدا من التظاهر
..فالدين لا أثر له في قلوبهم ، والعلماء لا وزن لهم في نفوسهم ..فمن الذي
يوقف الناس إذن ؟!! ..لا تقل بالقوة ..فالقوة لم تنفع في تونس ومصر وليبيا
واليمن ...والسلسلة لن تقف والله أعلم .
آلا إنها دعوة لتصحيح كل ما
يخالف الشريعة من قوانين وأنظمة ..وإلزام كافة الجهات الرسمية بتطبيق
الشريعة الإسلامية ونبذ وإلغاء كل ما يخالفها لأن بركة تطبيق الشريعة في
هذه البلاد ظهر في انقياد الناس وانصياعهم وعدم إثارة الفتن والفوضى في
البلاد ..يقول الله تعالى : (( وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ
فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ))[الأحزاب71]
اللهم هل بلغت ..اللهم فاشهد .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين،،،