My - SaLF عضو جديد
عملـيـ : مزأجيـ : انـأأمـ،ـن : مساهماتى : 52 تاريخ التسجيل : 11/06/2011 عمرى : 27
| موضوع: أوّل شـــتــــآءْ الإثنين يونيو 13, 2011 3:40 am | |
| [.. أوّل شـــتــــآءْ ..]
غُــــرفــــةٌ بيضـاء .. ينتشر فيهـا الأثاث بشكل أنيق ٍجدًا .. يُشعركَ بالهدوء .. و الصمت المكبوت .. و كثيرٍ من الألفةِ للمكان .. و كأنّـك أنتَ من رتّبه بيديك .. تقلّب بصركَ بين تفاصيلهــا بدهشة ؛ حتى يقعَ على نافذةٍ نصفِ مفتوحة .. تتسلل منهـا نسماتٌ بـاردة .. تصتطدم بالستـارة فتُحدث الترنيمة الوحيدة التي تشي بوجود حياةٍ في هذا المكان .. إنــّه الشتـاء .. يخترقُ النافذة بسرعـة .. يغيّـر من طبع الغرفـةِ الهادئ إلى طبعٍ آخــر بارد .. ينتشر عبر الأثـاث المؤنّـق .. و عبر الأثير بسرعة أكبر .. كأنــه يبحث عن شيء ليستقرّ عليه .. إنهـا أقل من لحظة حتى قرر إلى أين يتجه .. اخـتــار جسدهـا الـمـستندَ على الأريكة منذ ساعتين .. يقترب منهـا الشتــاءُ بسرعـة .. و هو يسابق الزمن قبل أن تخور أنفاسه الجليديّــة .. و بلمحةٍ ينتابُ جسدهـا الهامد .. و يطوّقه بكامله ليجعله يرتجفُ بردًا ؛ فينطلقَ صوتٌ في داخلهـا : [ آآآه إنـّه الشتـاء ؛ سـأغلق النـافذة ] .. تتجه نحو النافذة بنفس تلكَ السرعة التي تسلل فيهـا البرد .. تتجه بكلّ قوةٍ كبتتها لساعتين من الزمن لتكـافح الشتـاء و تطرده .. تغلق النـافذة الزجاجية بيدهـا .. و لا تبعد يدهـا .. و بفطرتـهـا الأنثوية التي بدأت بالتلاشي مع مـجـيــئ هذا الشتــاء تسند رأسهـا على يدهـا على زجــاج النافذة .. و تتنهد كلّ أيــامهـا المنصرمـة .. و تتنفسهـا بصعوبة .. و تـغمض عينيهــا بقوةٍ أسطوريـة .. و كأنها تحاول الهرب من ملامحهـا التي تجـاوزت العتبةِ الخمسينَ بخطوتين ..
شتــاءٌ يـجـيـئ متـأخرًا .. بقسوةِ كل تلكَ السنين .. حـامـلاً بين يديـهِ تفاصيل أوّل شتـاءٍ لأنثى .. أوّل شتـاءٍ تموت فيهِ الرغبة .. أوّل شتــاءٍ لا ترتـاح فيهِ مـع جسدهــا .. توقّعته لا يكون شتـاءً إلا للحزن و الوحدة .. و الصمت المريـع لكل شيء .. ذاك بستـانٌ حصدهُ الحبّ ثلاثين سنة .. و أذاقهُ شهد الحياة .. و تلحّفه في كل تلكَ الأمسيات المجنونة و الصباحات الممتلئة بالـقهوة العشقيّة .. قبل شهرين من الآن ؛ كان آخــرَ حصادٍ و لم يكن حصادًا بمعنى كلمة حصـاد ؛ كان رفع عتبٍ لا أكثر .. فالأرض كانت يبابــًا تستمطر سمـاءً صيفيّةً موؤدةَ الغيمات .. الحصادُ جاءَ مُتزامنــًا مع بدايةِ الخريف .. الـخـريــــف ! ها هو الجسد يتبع فصول السّنة في تقلّباتهِ ! فقد ذبـل في الخريـف و ذوى و سقطت كلّ أوراقِ أنوثته .. و هوَ الآن سيمضي شتـائهُ الأوّلَ و الأخير .. ثـمّ يموت و يتلاشى هناك ..
كل يوم ٍ يمرّ هو أقسى و أكثر جليدية ؛ فالشتائين متزامنين و لا يرحـمـان .. شتـاءٌ يقتل الدفئ .. و يكتسح الأطراف برجفةٍ باردة .. ترغمهـا على الزفير حتى تفقد كل ذرةِ هواءٍ سكنت رئتيهـا .. و شتـاءٌ آخر .. لا يقلّ قسوةً و لا حُـزنــًا .. شتـاءٌ يولد في الأعمـاق .. و يكبر أكثر و أكثر .. و يملؤ الروح بحزن ٍ مكبوت .. و رغبةٍ عـارمة من الهرب من كل شيء .. هكذا تمرّ لياليها و هي تفقد طعم النوم إلا في نصفِ ساعةٍ أو ساعةٍ قُبيل الفجر .. هي أقصى ما تحصل عليهِ في اليوم .. الجوّ في الخـارج شديد البرد .. تملؤه عواصف و رياح و مطر ثلجيٌّ حامض .. و ذاتـهــا لا تختلف كثيرًا .. حـالة مطابقة للطقس .. مع إضـافة كلمة [حُـرقــة] .. شتـاءٌ و شتاءٌ يجعلان منها امرأة حزينةً تفقد احساسها بكلّ ما حولها .. و لا تعود تشعر إلا بما يعيش بين جنباتهـا من عواصف .. بـاب غرفتها يُفتح .. و لا تشعرْ .. قدمين صغيرتين تقرعان الأرض .. و لا تسمعْ .. يدين تلتفان حول خصرهــا ببراءة الصغار .. و صوتُ طفلةٍ ينطلق : [ جدّتي ! أنـا هنـا ] .. تنتبهُ من غفلتهـا .. تنظر إلى تلكَ الصغيرة ذات الأعوام الخمس .. إنـهـا تتوسّد حضنهـا .. و الإبتسامة تغرق شفتيهـا الصغيرتين .. ثمّ سرعانما تعبس الصغيرة و تقول : [ يدكِ بـاردةٌ يا جدتي ] .. يا صغيرة اصمتي ! لو تدرين ؛ كلي بردٌ يا حبيبتي ..أمسيتُ شتويّـة الرغبة .. حزينة الروح .. يملؤني فيضٌ من اكتئـاب .. تلكَ الأنوثـة المشتعلة في داخلي فقدتهـا .. كل تلكَ الملامح المشبوبة بالعشق و الشوق تبدلت .. و استعمر تقاسيم وجهي الذبول و الكمد .. حبيبتي ؛ معذّبـةٌ أنـا .. بحـاجةٍ إلى الحنان و الشعور بذلكَ الأمـان المفقود .. ضميني حبيبتي أكثر .. ضمي جدّتكِ السـاكنة في ممــلكةٍ من ضيقٍ و انزعـاج .. حبيبتي .. آآآه .. و أعلنتهـا تنهدّةَ وجـَعٍ .. أطلقتهـا إلى نهـايـةِ الكون .. إلى حيث لم يصل صدى صوتٍ بشريٍّ قط .. و زفرتْ .. ثم التـجــأت إلى نوم ٍ عميق .. استغرق الليل كلّه ..
أفـاقت من النوم .. و كلّ صراعـاتِ النفس تقرع في رأسهــا طبل الجنون .. تلمّست رمشهـا المثقل بالسنين .. وجدته رطبــًـا .. ثمّ نزلت بأنـاملهـا على خدِّهـا .. إلى أن وصلت الوسادة .. إنهـا رطبة أيضــًا .. يا الله .. استغرقتْ الليل كلّه بالبكاء و هي نائمة .. لم تعتد من نفسهـا البكـاء .. لقد أفـاقت و في جوفهــا نسمة دفئٍ زرعتهـا حفيدتهـا بين هوجاء العواصف .. أغرقهــا التفكير لسـاعات .. و سرحت بأفكارهـا بعيدًا .. حتى أدركت أنهـا إلى القدسيةِ تمضي .. قد نـُــزعُ من أعماقهـا اشتهاء الرجالْ .. و أطلقت نفسهـا من سجن الجسد .. إلـى جنّـة الأرواح .. إلى حيث يسكن الطهر المتلحف بنقـاوة الأنبيــاء .. مـا زلت بشرًا .. لكن أفكارهـا أضحت أفكـار ملائـكـة .. و ارتباطهــا كليــًا أضحى للسمــاء !
| |
|
Mr-ToPo عضو ذهبى
عملـيـ : مزأجيـ : انـأأمـ،ـن : مساهماتى : 4495 تاريخ التسجيل : 10/06/2011 عمرى : 29
| موضوع: رد: أوّل شـــتــــآءْ الثلاثاء يونيو 14, 2011 9:09 am | |
| سلمتـ الاياديـ يالـ غ ـلآ شكرآا جزيـلا موضوع رآاقي تحياتيـ | |
|
mark.afroto
الــريــس الــكــبــيــــر
عملـيـ : مزأجيـ : انـأأمـ،ـن : انأأ : مساهماتى : 2561 تاريخ التسجيل : 03/12/2010 عمرى : 27
| موضوع: رد: أوّل شـــتــــآءْ السبت يونيو 25, 2011 3:28 am | |
| الف شكر على الموضوع المييز والرائع
منتظرين المزيد والمزيد منك
بالتوفيق
| |
|